-->

قصة الشاب صاحب القرص وبنت شيخ قبيلة

    إن صبيا من الباديه كان أهله بيت إماره وقد هلكوا ولم يبق منهم غيره، وكانت والدته شديده الحرص عليه تحجبه وتلهيه عن الإختلاط بالرجال فى المجالس حتى لايسمع أخبار الغزوات والبطولات فيخاطر بنفسه

    إلا أها عجزت عن حجبه حجبا نهائيا بل تسربت إليه آخبار البطولات فثارت نخوته وعرض على قومه فلم يتبعه أحد لأنه صغير السن ولم تظهر منه أفعال بعد

    وعرض على والدته الرغبه فى الغزو والحيافه فعذلته ووبخته فخرج متسللا راجلا ومعه جراب فيه قليل من الزاد فوصل إلى مورد ماء كان خاليا لم ينزل عليه أحد لأن الوقت أول الصيف آخر الربيع، فعجن عجينته ووضعها فى النار فاذا نضجت سميت قرص بر

    وخلال هذه الفتره أقبل أول فوج من العرب مغيرين على هذا المورد لحمايته كما هى عادتهم، فلما رأى قتام الخيل بادر إلى دفن ضوئه وقرصه فى الأرض واختفى فى مغاره قرب الماء

    فنزل القوم فى هذا المكان وضاعت آثار النار المدفونه لتوارد الناس والمواشى والأثاث على هذا المكان فضربوا بيوتهم وتفرقوا فيها فلما أسدل الليل جلبابه انسل الصبى إلى المكان الذى يتحرى وجود القرص فيه فصادف وجود القرص مضرب بيت شيخ العرب وقد قبضت عليه بنت الشيخ بيدها فى ظلام الليل ظانه به الظنون ولم تقنع بحسن نيته حتى حفرا مكان النار فوجدا القرص، حينئذ رقت لحاله وأعطته لبنا مع قرصه وعشته ثم هربته من ظهر البيت فنذرت به الكلاب ونبحت عليه فصار يهش عليها بعصاه من وراء ظهره ويستمر فى سيره فوقع فى بئر هباءه ليس فيها ماء وهى تنظر فلحقته وأخذت الرشاء وأنزلته عليه فلما تعلق به أخذت تجره راميه بثقلها على الأرض فلما أشرف على أعلى البئر أدركه الحرص فخطف رجليها متمسكا بهما فسقطا معا فى البئر

    وفى الصباح التمسنها أمها ونساء البيت فاتبعوا مسحب الرشاء من البيت إلى القليب فظنوا بها السوء وأخبروا والدها شيخ العرب

    فجمع الشيخ كبار قومه واخترع لهم خبرا مكذوبا موجزه أن قوما من الأعداء سيغيرون عليهم فلابد من الرحيل عن الماء بالبيوت والأهل والمواشى فاذا وصل العدو عطفوا عليه بالخيل

    وأوصى عبده سرا أن يرمى فى البئر حطبا ولا ينظر من فيها ثم يوقدها بالنار منذ أن يرحل الحي

    فكان كل ما رمى عليهما حطبها ركبا عليه فلما قربا من أعلى البئر خطفا العبد من رجليه وألقياه فى البئر وخرجا وأوقدا النار في البئر وهربا على ذلول العبد

    وقد تزوج الغلام البنت وأصبح شيخا فى قبيلته لأنه حصل له أحداث بطولية

    وذات مره وفد عليه وفد من الأعراب يطلبون منه الإذن بالورود على مائه فأذن لهم فلما قدموا عرفهم وتذكر أنهم أهل زوجته

    فاستشار أعيان قومه فى الوسيله التى تقنع هؤلاء العرب بصحه قصته مع بنتهم، لأن واقع القصه الحقيقى شبيه بالإسطورة

    فقال أحدهم: إذا دخل عليك القوم واجتمعوا عندك فى المجلس فسأختفى معي فنجالا أو حاجة تهم فاذا فقدتها فقل لابد من التفتيش عنها وستسقط منى وحينئذ سيدركنى الخجل وساقول معتذرا: هذه أول مره فى عمرى أقترف فيها مثل هذا، وليست بعيده عن قصتك يوم القرص وحينئذ أكون اختلقت لك مناسبه تتلو فيها واقع القصه

    فلما تمت الحيله وتلا عليهم القصه أمسكت بهم الارض من الدهشه فقالوا :هل هذه البنت عندك حتى الان؟!
    قال : هى زوجتي وأم أولادي
    قالوا : نحن نريد أن نراها.
    قال : ما شانكم بها !
    قالوا : نحن أهلها، وقال الأب أنا الذى احتلت على جماعتى بالعبد عن المورد وأمرت العبد بإيقاد الحطب

    فحصل التعارف وحصلت القناعه ببراءه البنت والصبى وبهذه المناسبه قال منديل الفهيد

    دنياك ما تنوخذ بالخرص = افعل سبب والله الوالي
    لو نعتبر فعل راعي القرص = جت له على ما بغى تالي
    الياس بالك وفعل الحرص = رزقك محدد والاجال
    شارك المقال

    مقالات متعلقة

    إرسال تعليق